كيف نركز؟

كيف نركز؟

  • كيف نركز؟

اخرى قبل 3 سنة

 

كيف نركز؟

بكر أبوبكر

فن الاستماع وتحسين الإصغاء ضمن الاتصالات وبناء العلاقات في المؤسسات وبين الأفراد، بل والقيام بأي عمل كان وتحقيق الهدف لعملك والإنجاز، وتحقيق تكرسك الذاتي كله في الإطار التربوي والتثقيفي والتعبوي عامة يحتاج حُكمًا للتركيز، حيث أن معطى عدم الانتباه وضعف أو انعدام التركيز يعدّ من أهم العوامل التي تؤدي لعدم الاستماع والاصغاء، وبالتالي فقدان الفهم الصحيح والوعي، بل وتؤدي لعدم إنجاز الأهداف أو الأعمال بالشكل المطلوب أوعدم انجازها على الإطلاق، فجاء النظر في الأمر من جذوره من قبلنا أي من مهارة التركيز.

بالطبع ، لا يتطلب التركيز رفضًا دائمًا للمشتتات الذهنية الداخلية أو الخارجية، لكنه يتطلب منك الحصول على هديّة ذاتية، إذ لديك دائمًا خيار القيام بشيء آخر لاحقًا، ولكن في وقتك الحالي (المستغرق فيه بفعل شيء..) يتطلب التركيز أن تفعل شيئًا واحدًا فقط. التركيز هو مفتاح الإنتاجية وتحقيق الإنجاز، (وحُسن الاستماع أيضًا انجاز) لأن قول لا، لكل خيار آخر يفتح قدرتك على إنجاز الشيء الوحيد المتبقي.

يمكننا تعريف التركيز أنه انشغالك العميق أو تكرسك لأمر أو أمور محددة، ما هو تعريف مكرّر أو معروف لكن يمكنك النظر له بطريقة أخرى بالقول: (يمكن أن يحدث التركيز فقط عندما نقول نعم لخيار واحد، ولا لجميع الخيارات الأخرى. بمعنى آخر، يبرز الاستبعاد كشرط أساسي للتركيز. كما يقول "تيم فيريس"[1] ، حيث أن "ما لا تفعله يحدّد ما يمكنك فعله".)

ولنا الاطلاع على تمرين الخطوات الثلاث للتركيز[2] ما يفيد بتحديد الأولويات واتخاذ القرارات بالقول:

1-أكتب أفضل 25 هدف ستحققه في حياتك (المهنية، أو الدراسية، أو العائلية، أوالتتنظيمية...)، وربما نقول حتى آخر العام.

2-راجع القائمة، وضع دائرة حول أهدافك الخمسة الاولى/الأكثر أهمية.

3-إذن لدينا قائمتان القائمة (أ) وهي العناصر ال5 الأكثر أهمية، والقائمة (ب)، وهي العناصر العشرين.

وفرضية الأولويات والثانويات هنا لاتصح، أي باتباعها الواحدة تلو الأخرى أو التعامل مع القائمة (ب) وقت الفراغ، لأن الأمر كما رآه (لوران بافيت) صاحب التجربة هو أن (ما لم تقم بوضع دائرة عليه أصبح قائمة التجنّب مهما كان الثمن. بغض النظر عن أي شيء ، فإن هذه الأشياء يجب أن لا تحظى باهتمام منك حتى تنجح مع أفضل 5 أهداف)

وطريقة "بافيت" هذه باعتقادنا جميلة لأنها تُجبرك على اتخاذ قرارات صعبة والتخلص من الأشياء التي قد تكون استخدامات جيدة للوقت، ولكنها ليست استخدامات رائعة للوقت.

وهذه طريقة للتركيز، ولكن هناك طريقتان أخريان[3] وربما الكثير وهما:

أن تقوم بقياس نتائجك: قم بقياس نتائجك (نتائج أي عمل تقوم به...) من باب الاكتشاف، من باب أن ترى ما يحدث، من باب الفهم. أو اعتبر أنك تقوم بالقياس للتعرف على نفسك بشكل أفضل. ولنقل أيضًا قم بالقياس لمعرفة ما إذا كنت تقضي الوقت بالفعل في الأشياء التي تهمك أم لا. القيام بالقياس لنتائج عملك سيساعدك على التركيز على الأشياء المهمة، وتجاهل الأشياء التي لا تهمك.

ركّز على العملية وليس الحدَث: الشيء الثاني الذي يمكنك القيام به للحفاظ على التركيز على المدى الطويل هو التركيز على العمليات (آليات تحقيق الخطة أوالمهمة أو الهدف)، فإذا كنت تريد أن تكون كاتبًا رائعًا، فإن اصدارك لكتاب مؤثر أمر رائع. لكن الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذه النتيجة هي الوقوع في حب عملية الكتابة، وإذا أردت أن تكون نجارًا جيدًا أومزارعًا جيدًا أوطبيبًا أو محاميًا او مهندسًا جيدًا...الخ لك أن تحب عملك وسُبُل الوصول لذلك باتقانها والتركيز عليها وتطوير ذاتك دومًا.

وإذا كنت تريد أن تكون في أفضل حالة في حياتك، فقد يكون فقدان 15 كيلوغرام ضروريًا. لكن الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذه النتيجة هي الوقوع في حب عملية الأكل الصحي وشرب الماء وممارسة الرياضة باستمرار.

وطرق إضافية لتكريس التركيز وتحسينه والبدء بالأمور المهمة لك يضيف الكاتب (جيمس كلير) صاحب كتاب العادات الذرية الذي بيع منه 5 ملايين نسخة، مع بعض التنقيح منّا:

1-اختر مهمة الربط (المهمة الأساسية ليومك). يقول "كلير": أحد التحسينات الرئيسية التي أجريتها مؤخرًا هو تعيين أولوية واحدة (وواحدة فقط) لكل يوم عمل. على الرغم من أنني أخطط لإكمال المهام الأخرى خلال اليوم ، فإن مهمتي ذات الأولوية هي الشيء الوحيد غير القابل للتفاوض (المقصود بيني وبين ذاتي) الذي يجب القيام به. أسمي هذا الامر "مهمتي الأساسية" لأنها الرابط الأساسي أوالدعامة الأساسية التي تبقي بقية يومي في مكانه. تكمن قوة اختيار إحدى الأولويات في أنه يوجّه سلوكك بشكل طبيعي من خلال إجبارك على تنظيم حياتك حول هذه المسؤولية.

2-تحكّم في طاقتك وليس وقتك. إذا كانت المهمة تتطلب انتباهك الكامل ، فقم بجدولتها في وقت من اليوم يكون لديك فيه الطاقة اللازمة للتركيز. على سبيل المثال، لقد لاحظت أن طاقتي الإبداعية تكون في ذروتها في الصباح. هذا عندما أكون منتعشًا. إذ حينها أبذل قصارى جهدي في الكتابة. وعندها أتخذ أفضل القرارات الإستراتيجية بشأن عملي. اذًا ماذا أفعل؟ أقوم بجدولة مهام إبداعية للصباح. يتم الاعتناء بجميع مهام العمل الأخرى في فترة ما بعد الظهر. يتضمن ذلك إجراء المقابلات والرد على رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية ومحادثات التواصل الاجتماعي وتحليل البيانات ومعالجة الأرقام. انتبه أن الوقت سيكون عديم الفائدة إذا لم يكن لديك الطاقة (الجسدية والعقلية والنفسية...) التي تحتاجها لإكمال المهمة التي تعمل عليها.

3-لا تتحقق من البريد (والتطبيقات مثل "واتس أب" مثلًا وغيره) قبل الظهر. أي بالتركيز على التخلص من المشتتات. يمكن أن يكون البريد الإلكتروني (و"واتس أب" وأمثاله من التطبيقات) أحد أكبر مصادر التشتيت على الإطلاق. إذا لم أتحقق من البريد الإلكتروني في بداية اليوم، فسأكون قادرًا على قضاء الصباح في متابعة جدولي (أجندتي) الخاصة بدلاً من الرد على جدول أي شخص آخر. هذا فوز كبير لأنني لا أضيع الطاقة العقلية في التفكير في جميع الرسائل في بريدي الوارد (أو الرد على رسائل "واتساب" والوسائل الاتصالية الأخرى). أدرك أن الانتظار حتى فترة ما بعد الظهر ليس مجديًا لكثير من الناس ، لكني أود أن أقدم تحديًا. هل يمكنك الانتظار حتى الساعة 10 صباحًا؟ ماذا عن الساعة 9 صباحًا؟ 8:30 صباحًا؟ الموعد النهائي المحدد لا يهم. الهدف هو تخصيص وقت خلال صباحك حيث يمكنك التركيز على ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك دون السماح لبقية العالم بشغل دماغك.

4-اترك هاتفك النقال في غرفة أخرى. عادة لا أرى هاتفي في الساعات القليلة الأولى من اليوم. من الأسهل بكثير القيام بعمل مركّز عندما لا يكون لديك أي رسائل نصيّة أومكالمات هاتفية أو تنبيهات "واتساب" وغيره تقاطع تركيزك.

5-العمل على الحاسوب في وضع ملء الشاشة. عندما أستخدم تطبيقًا على جهاز الحاسوب الخاص بي ، أستخدم وضع ملء الشاشة. إذا كنت أقرأ مقالًا على الشبكة العنكبوتية، فسيشغل المتصفح الشاشة بأكملها. إذا كنت أكتب في ملف الملاحظات مثل Evernote، فأنا أعمل في وضع ملء الشاشة. إذا كنت أقوم بتحرير(أو تعديل) صورة في برنامج تعديل الصور المسمى Photoshop ، فهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني رؤيته. لقد قمت بإعداد سطح المكتب الخاص بي Desktop بحيث يختفي شريط القائمة تلقائيًا. عندما أعمل، لا يمكنني رؤية الوقت أو أيقونات التطبيقات الأخرى أو أي عوامل تشتيت أخرى على الشاشة. من المضحك مدى الاختلاف الكبير الذي يحدثه هذا في تركيزي وتكريسي لوقتي وجهدي. أما إذا كان بإمكانك رؤية أيقونة على شاشتك، فسيتم تذكيرك بالضغط عليها من حين لآخر. ومع ذلك ، إذا قمت بإزالة الإشارة البصرية (الأيقونات والإشعارات..) ، فإن الرغبة في تشتيت الانتباه ستختفي في غضون بضع دقائق.

قم بإزالة جميع المهام التي يمكن أن تشتت الانتباه عن التركيز في الصباح الباكر. أحب القيام بأهم شيء أولاً كل يوم، لأن الأمور الملحّة لهذا اليوم لم تتسلل بعد. والنتيجة هي أنني أحصل على بعض الوقت الإضافي في الصباح الباكر للقيام بعمل مركز.

بغض النظر عن الاستراتيجية التي تستخدمها ، فقط تذكر أنه في أي وقت تجد فيه العالم يشتت انتباهك ، كل ما عليك فعله هو الالتزام بشيء واحد. في البداية ، ليس عليك حتى أن تنجح. أنت فقط بحاجة للبدء.

ونحن نضيف أن فكرة التركيز مرتبطة في سياق الاتصالات بالانتباه وعدم الوقوع في مصيدة التشتيت الالكتروني الحديث، أو الذاتي النفسي، او مشتتات البيئة المحيطة، ما قد يجعل من حُسن استثمار الوقت لديك بداية للانجاز وتحقيق الاهداف، وللتفكير الابداعي.

 

الحواشي:

1 تيموثي فيريس هو رجل أعمال أمريكي ومستثمر ومؤلف ومدونة صوتية. و( له مجموعة من المؤلفات أبرزها : أعمل 4 ساعات فقط في الأسبوع ، الناشرين: "مكتبة جرير " ).

2 الخطوات الثلاث للتركيز للمستثمر الامريكي الشهير(لوران بافيت)، وقد أجراه على طياره الخاص، ونحن نعيد صياغته بشكل عمومي هنا.

3 عن الكاتب جيمس كلير في مقاله تحت عنوان: التركيز: الدليل النهائي حول كيفية تحسين التركيز. وهو صاحب كتاب Atomic Habits العادات الذرية: طريقة سهلة ومثبتة لبناء عادات جيدة وكسر العادات السيئة، والذي بيع منه 5 ملايين نسخة.

 


[1] تيموثي فيريس هو رجل أعمال أمريكي ومستثمر ومؤلف ومدونة صوتية. و( له مجموعة من المؤلفات أبرزها : أعمل 4 ساعات فقط في الأسبوع ، الناشرين: "مكتبة جرير " ).

[2] الخطوات الثلاث للتركيز للمستثمر الامريكي الشهير(لوران بافيت)، وقد أجرى بافيت اختباره هذا على طياره الخاص، ونحن نعيد صياغته بشكل عمومي هنا.

[3] عن الكاتب جيمس كلير في مقاله تحت عنوان: التركيز: الدليل النهائي حول كيفية تحسين التركيز. وهو صاحب كتاب Atomic Habits العادات الذرية: طريقة سهلة ومثبتة لبناء عادات جيدة وكسر العادات السيئة، والذي بيع منه 5 ملايين نسخة.

 

 

التعليقات على خبر: كيف نركز؟

حمل التطبيق الأن